سبل الالتزام بالكتابة
مقالات تعليمية

سبل الالتزام بالكتابة

أحمد العسيلان
٢٨ يونيو ٢٠٢٥

أتساءل بين الفينة وأختها عن سبل الالتزام بالكتابة، أنا الذي جربت لذة الاستمرارية في أوقات كثيرة، ووجدت أثرها على نفسي وعلى تطور كتاباتي، وذقت ويلات التوقف عنها، وألم صعوبة إكمال مجموعة قصصية أو كتاب ممتد أو حتى مقالة مطولة، ولا ريب أن الاستمرارية في الكتابة أمر عزيز ونادر، وفيما يلي نقاط أظنها تدل على شيء من الطريق نحو ذلك:

العقل يهرب من عبء المواجهة غالباً، والكتابة مواجهة صريحة للكاتب، لذا تجده يتكاسل أو يجبن أمام فعل الكتابة.

إحدى أهم متطلبات الكتابة باستمرار غايات واضحة في ذهن الكاتب، تصاحبها أفكار ومعانٍ تكون جسراً موصلاً لها، ولا شك أن ذلك ناتج عن امتلاء معرفي وشعوري وفكري، يغذي روح الكتابة المستمرة.

للكُتاب مآرب متعددة، منهم من يكتب والغاية واضحة في ذهنه، يبصر آخر النفق، ويرى النور خارجه ومنهم ما دون ذلك ، ومعظم هؤلاء يكتبون ليقولوا للناس شيئاً، ومنهم من يكتب ليقول لنفسه شيئاً، ومنهم من تسليه الكتابة، فلا هو يريد قولاً للناس ولا لنفسه، ومنهم من يحاول فقه نفسه من خلالها، فهي بمثابة طريقة للتفكير، وضوح الغايات باب عظيم.

قد تزعجك انقطاعات الكتابة، خاصة إن كانت ملاذاً حسناً لك، ربما كانت الأسباب داخلية أو خارجية، مرئية وغير مرئية، فتش جيدا.

الكتابة عزيزة، لا تعطيك إلا أن تسخر لها وقتاً وجهداً، تزيح ما ينفرها وتقرب ما يؤلف قلبها، وأول ما يزاح عنها وعيك الذاتي ورقابتك الصارمة على ما ستكتب زمن الكتابة الأولى!

الكتابة تتطلب قدراً من الشجاعة والصبر والمثابرة، ولا تلين بين يدي شخصية جبانة أو مزاجية متقلبة تنتظر الإلهام من السماء.

إذا توافرت لديك عوامل الانضباط الذاتي زادت نسبة التزامك بالكتابة.

"لكل امرئ من دهره ما تعودا" الاعتياد مرحلة لاحقة للتخلق، والكتابة خلق يكتسب، ثم عادة ترسخ إذا ما وطنت نفسك عليها لتصبح جزءاً من شخصيتك، فلا تعود قادراً عن التوقف يوماً، حتى لتخال أن ذلك سلوك قهري.

لا تتأتى الكتابة إلا من فيض، والفيض لا يكون إلا بالامتلاء، والامتلاء حالة من الاكتناز بالمعاني والمشاعر والمعارف والغايات والهموم، ومتى توقف ذلك الينبوع توقفت!

الكتابة عدوى، والعدوى لا تصلك وأنت منقطع في رأس جبل، عليك الاقتراب من كل من ينقل لك عدوى الكتابة، أصدقاء، مجموعات، تطبيقات، أماكن، وغيرها.

إذا نهض الشعور القوي نهضت خلفه الكتابة، ذكرى، رائحة عطر معينة، مقهى، زاوية مكتبة، وربما الكثير، تأمل وتذكر أين ينهض شعورك.

الكتابة المستمرة، ليست بالضرورة كتابات عظيمة، يكفي المحافظة على حبل الوصل.

تمرين مواجهة الصفحة البيضاء والصمود أمام قلق (انتظار لحظة الإلهام والخوف من ألا أكتب شيئا)، سيجدي معك نفعا مع الأيام، حدد الزمان واضبط وقت المنبه على سعة الوقت الذي ستمكث فيه أمام الصفحة ولا تبرح مكانك حتى ينقضي، وإن لم تكتب إلا سطراً واحدا، هذا التمرين سيعلمك الصبر.

هل جربت المراسلات البريدية مع صديق أو عابر سبيل؟ يمكنك البدء الآن، وإن لم تجد فدونك الذكاء الاصطناعي، المراسلات التقليدية تبقيك على قيد الكتابة.

ورط نفسك في مشاريع كتابية! لها طرف ثالث ينتظر منك مهاماً كتابية، مدونة، مجموعة بريدية، مؤسسات مجتمعية، شركات صناعة المحتوى.

قد تفيد تطبيقات الهواتف الذكية المتعلقة بالكتابة والتدوين.

ربما تصاب بحبسة الكاتب رغم توافر المعنى والفكرة، في مثل هذه الحالات اقرأ لكاتب يلهمك، غير المكان والزمان، عد لكتاباتك القديمة، تحدث عن فكرتك لصديقك، تأمل، اكتب بدون تفكير، ابدأ من المنتصف، تصرف يا أخي، لا تنظر لي هكذا..

أخيراً لست ملزماً بالاستمرارية اليومية أو الأسبوعية حتى يطلق عليك لقب كاتب، ولكن تحمل فقدان لياقتك.